عندما يتحول الأطفال إلي سلعة

عندما يتحول الأطفال إلي سلعة

في الألفية الحالية أصبحنا نفتح أفواهنا تعجبا واستغرابا وما كنا في الماضي نقول انه من المستحيل حدوثه أصبح الآن يتكرر كل ساعة وكل يوم وكأن جدار المستحيل قد صهر مع ارتفاع حرارة الكرة الأرضية.

أجمل مراحل العمر هي مرحلة الطفولة وبمعني أخر مرحلة البراءة والطير مع العصافير وذكريات مليئة باللعب واللهو والنوم الهادئ في حجرة مليئة بالألعاب وحنان الأمومة والشعور بالأمان مع الأب الحامي للأسرة.

ولكن أن نجد طفل يعمل بكد ويكدح ليجني المال ويضرب ليتعلم حرفه صعبة لا يقواها الكبار كأن يكون عاملا في احدي ورش التصليح أو يفقد احد أصابعه أو يديه في ورشه للنجارة.

في احد الأيام وعند مروري علي احد محلات بيع اللحوم وكان صاحب المحل ممسكا بطفل من قفاه وينهال علية ضربا بخرطوم للمياه والسبب انه لم يقم بتنظيف الأرضية كنت أمر علي الطفل كل يوم حتى أصبح شغلي الشاغل وتخيلت هذا الطفل البالغ من العمر الثامنة أو العاشرة يستيقظ الساعة السادسة صباحا يحمل اللحم ويساعد في تعليقه وفي البرد القارص يقوم بتنظيف المحل ويتلقى الضرب والاهانة بين الحين والحين وقارنت بين حال هذا الطفل وحال غيره من الأطفال والذين يذهبون إلي المدارس ويلهون بألعابهم في الصيف وبين هذا الكادح البائس.

بعد فترة غير بعيدة لاحظت أن الأطفال المتسولين قد ازداد عددهم فما تكاد قدمك تطأ باب المصرف حتى يتعلق بحقيبتك طفل صغير لا تكاد تبين ما يقوله وكل ما تفهمه انه يريد مالا ويمد يده المتسخة في إذلال يظهر علامات الاستجداء التي تعلمها وأمامي مباشرة وقفت طفله أكاد اجزم أن لها بشرة بيضاء وان هذا اللون الغامق ناتج عن الأوساخ المتراكمة علي وجهها الصغير تحدثت طويلا وبسرعة ودون توقف تطلب مالا وتدعوا وتكرر عباراتها مع كل المرة مما يدل أنها قد حفظتها علي ظهر قلب.



عند وقوفي داخل المصرف لاحظت الكم الهائل من الأطفال بعضهم أمام باب المصرف والبعض يجري وراء المارة أطفال في عمر الزهور أمهم تجلس بجوار الباب والأطفال يلهون بلعه التشبث بالمارة وجلست أراقب هذا المشهد وإذا بي أري أم تحمل رضيعها تجلس في صمت وضعت حقيبتها بجوارها ثم أخرجت منها علبة الحليب والماء الساخن وبدا في تحضير حليب الرضيع ثم أخذت حذاءها ورمته في وجه طفلتها الأخرى التي جلست علي احد الكراسي لتنهض الصغيرة مذعورة وتبدأ في متابعة عملها في التعلق بالمارة.

ازداد الأمر سوءا مع بداية هذا الشهر الفضيل حتى أصبح بعد كل شبر يصادفك طفل متشرد وأخر متسول وعند اقتراب موعد أذان المغرب تري الأطفال محملين بالأطباق الفارغة يطلبون الطعام وأحيانا تري أمهاتهم معهم والطعام الذي لا يعجب مذاق الصغير يسكبه في الشارع.

احدي الفتيات حاولت التحدث معها وعرفت أنها من جمهورية مصر العربية وعندما سألتها هل تعلم أمك بما تقومين به قالت لا وهربت قبل أن أكمل معها وأحسست أنها مدربه علي المراوغة من مثل هذه الأسئلة وفي اليوم التالي وجدتها هي وأمها تتناوبان الطرق علي الأبواب وطلب الطعام في اليوم الثالث كانت الطرقات علي الباب قوية وعندما فتحت بانزعاج كانت فتاة أخري تمد لي طبق فارغ وتطلب أن أملئه بالطعام قالت أن اسمها عزيزة وأنها تدرس في جمهورية مصر العربية أعطيتها بعض المال وقالت أنها جاءت مع أسرتها المكونة من أخواتها وأمها وأبناء عمها وأنهم سيعودون إلي مصر مع ابتداء المدارس وعرفت منها أنهم يأتون كل صيف لممارسة التسول.

ولا تستغرب إن عرفت أنهم بدءوا يلبسون الزى الشعبي ويقلدن اللهجة الليبية فوهم يطلبون المال.

ومن هنا نلاحظ أن الأطفال أصبحوا وسيلة فألام لكي تكسب عطف المارة تحمل طفلها الرضيع أو تضع أمامها طفل معاق أو أن تقوم هي نفسها بلف ذراعها وكأنها مصابه أو أن تحمل أوراق تدل علي أن طفلها في المستشفي ويحتاج إلي علاج.

احد الأطفال كان يحمل وصفة طبية ويقول انه يتسول ليحضر هذا الدواء لأخيه المريض فسألته وما هو مرض أخيك فقال انه يعاني من حروق وعندما قرأت الوصفة كانت لدواء خاص بنزلات البرد ضحكت حينها وعندما ضيقت علية الخناق هرب وهو يضحك وفكرت في نفسي يا تري هذا الطفل المتسول الصغير ضحك علي كم رجل وسيدة واخذ منهم المال؟

هذه الظاهرة السيئة التي تسيء للذوق العام حتى كادت المدينة أن تتحول إلي وكر خاص لهؤلاء الدخلاء علي المدينة وليست المصارف والطرق علي الأبواب طريقتهم الوحيدة في التسول فقد اجتمعوا أيضا أمام المساجد والمستشفيات وداخل الأسواق في مظهر مزري لذلك يجب علي الجهات المعنية والتي من اختصاصها الحد من هذه الظاهرة أن تقوم بالتدخل السريع قبل أن يتفاقم الأمر إلي أكثر من ذلك فأحيانا لا يكون التسول إلا ستار لأفعال أخري وجرائم ترتكب تحت ستار التسول.

كما أن علي المشايخ وخطباء المساجد التنبيه علي هذه الظاهرة وحث المسلمين علي عدم إعطاء هؤلاء الذي امتهنوا التسول حرفة وعمل يومي يحترفونه.

منقووووووول

دنيا شينا مالهاش امان

اتعللى الواطى وتذلل عزيز فى زمانا كان